محمود جمال - مباشر: شهدت بورصات الخليج ومصر نشاطا ملفتا بعمليات الطروحات والادراجات الأولية وصفقات استحواذ مليارية، منذ بداية العام الجاري، الأمر الذي ينبأ بالمزيد لاسيما في ظل رغبة الصناديق السيادية برفع استثماراتها تزامنا مع صعود أسعار النفط أكبر مصدر دخل لدول المنطقة إضافة لتحفيز ااستمرار الشركات العائلية على دخول سوق الأسهم، وتراجع قيمة الأصول بالأسواق الناشئة نتيجة للتداعيات الاقتصادية جراء الأزمة الأوكرانية وارتفاع وتيرة التضخم.
9.5 مليار دولار
وبحسب إحصائية أعدتها "معلومات مباشر" استنادا لبيانات الأسواق الخليجية ومصر، فإنه وبالنسبة للاكتتابات الأولية والإدرجات فقد جمعت منذ بداية العام وحتي الأن نحو 9.5 مليار دولار وكان أبرزها وآخرها طرح "ديوا" وحدها في بورصة دبي والذي أصبح الأكبر بالشرق الأوسط منذ طرح شركة أرامكو السعودية نهاية 2019 والذي جمع 22.3 مليار درهم (6.07 مليار دولار).
ويلي هذا الطرح طرح أسهم 7 شركات بالسوق السعودي بقيمة إجمالية 12.7 مليار ريال (3.46 مليار دولار) وتصدّرها اكتتاب "النهدي الطبية" بقيمة 4.6 مليار ريال، ثم شركة "علم" بـ2.1 مليار ريال، وشركة "الدواء للخدمات الطبية" بقيمة 1.7 مليار ريال.
وبدوره، أوضح وائل زيادة، المؤسس والرئيس التنفيذى بشركة "زيلا كابيتال" ، لـ"معلومات مباشر"، أن ارتفاع اسعار النفط يوفر فوائض كبيرة لدول و الخليج و من ثم يزيد اقبالهم على الطروحات و الاستحواذات داخل وخارج حدودهم.
وأكد أن الازمة الأوكرانية إن كانت مهمة في آثارها ولكنها محدودة جغرافيا ولن تعرقل عمليات مثل تلك في مناطق بعيدة عنها سياسيا و جغرافيا.
140 شركة
وأشار محمود عطا خبير الاستثمار بالأسواق المالية، إلى أن هناك 3 عوامل ستحفز الطروحات والاستحوذات لتقوية المراكز المالية للتمكن من مواجهة التحديات وتداعيات الأزمة الحالية وهي صعود النفط وارتفاع العوائد الحكومية وخفض عملة الجنية المصري بالأسواق الخليجية ومصر.
ولفت عطا إلى أن تلك الطفرة الكبرى المرتقبة بالطروحات الأولية ببورصتي السعودية والإمارات وأسواق المنطقة بصفة عامة تؤكد الاهتمام القوي من قبل المستثمرين والمؤسسات العالمية باقتناص الفرص بالمنطقة التي أصبحت مليئة بالفرص الجيدة والمستقرة وبمنأى عن التداعيات الاقتصادية للأزمة الأوكرانية.
يشار إلى أن هناك ما يقرب من 140 شركة تستعد للطرح خلال العام الجاري والعام المقبل منها 25 شركة إماراتية تقريبا ، وأبرزها طيران الإمارات و"دناتا" و"إينوك" و"مِراس القابضة" وشركة المليادير الإماراتي خلف الحبتور "الحبتور القابضة" ومجموعة ماجد الفطيم ونظام تعرفة المرور "سالك"، إضافة لسعي الشركة العالمية القابضة إدراج وحدتها "بيور هيلث" ببورصة أبوظبي للأوراق المالية.
وفي السعودية هناك أكثر من 70 طلباً للطرح العام الأولي قيد المراجعة حالياً من قبل الهيئة التنظيمية والسوق المالية بالمملكة، كما أن سلطنة عُمان تخطط لإدراج 35 شركة مملوكة للدولة في السنوات الخمس المقبلة. وأعلنت البحرين بنهاية العام الماضي استهدافها إدراج 5 شركات جديدة بالبورصة بالسنوات الأربع المقبلة.
خطوات تحفيزية
يشار إلى أنه من أبرز الخطوات المتخذة لتحفيز الطروحات بالبورصات الخليجية وبالمنطقة هي كالآتي: ففي الإمارات، "سماح الإمارات للجمعيات التعاونية بطرح أسهمها في الأسواق المالية، إطلاق بورصة أبوظبي لسوق المشتقات المالية، حصول سوق أبوظبي المالي على اعتماد لتنظيم شركات "الشيك على بياض"، إطلاق دبي لصندوق "صانع السوق" بملياري درهم.
وبالنسبة للبورصة السعودية، فقد أعلنت عزمها بدء تداول العقود الآجلة على أسهم شركات مختارة، كما أنها تعمل على مراجعة وتطوير آلية الإدراج المباشر لتشمل السندات وسوق الأسهم الرئيسية.
وفي بورصة مسقط، فقد أكملت إجراءات فتح السوق للتملّك الأجنبي الكامل لأسهم الشركات المدرجة، وفي قطر، وافق مجلس الوزراء على السماح للمستثمرين الأجانب بامتلاك الشركات المدرجة ببورصة الدولة بالكامل.
1.9 مليار دولار
وخلال تلك الفترة كانت أشهر عمليات استحواذ سيادية هي ما أعلنت عنه البورصة المصرية الثلاثاء الماضي حيث شهدت تنفيذ صفقات استحواذ شركة ألفا أوريكس ليمتد، التابعة لـ"القابضة" ADQ على حصص في 5 شركات مقيدة بقيمة 1.95 مليار دولار شملت البنك التجاري الدولي - مصر، وشركة فوري، وشركة الإسكندرية لتداول الحاويات، وشركة أبوقير للأسمدة، وشركة مصر لإنتاج الأسمدة موبكو.
ومن المتوقع أن تواصل صفقات الاستحواذ نشاطها في مصر خلال الفترة المقبلة مع استمرار التقييمات المتدنية والانتعاش الاقتصادي المتوقع لمصر، إلى جانب رغبة الكثير من المستثمرين الخليجيين في دخول السوق المصري.
انخفاض تقييمات
وأوضح محمد الشربيني، نائب رئيس الاستثمار لدى "إن أي كابيتال"، لـ"معلومات مباشر"، أن الانخفاض الشديد في تقييم العديد من الشركات خلال هذه الفترة يزيد شهية المخاطرة تجاه بعض القطاعات بفترات التضخم القياسي الحالية ولاسيما بتلك المرحلة الحرجة التي يمر بها الاقتصاد العالمي، لافتاً إلى أن ذلك لعدة أسباب منها سياسات التيسير الكمي للسنوات الاخيرة و كذلك سياسة الفائدة الصفرية واضطرابات سلاسل التوريد العالمية للاختلال بين العرض و الطلب اللاحق لإغلاقات جائحة كورونا.
قدرة شرائية
ومن جانبه، قال محمد جاب الله، رئيس قطاع تنمية الأعمال والإستراتيجيات بشركة بايونيرز للتداول، إنه من الطبيعى بالأحوال العاديه أن يكون التضخم مفيد للبورصات بصوره عامه حيث أنه يعنى انخفاض القدره الشرائية للعملة وبناءا عليه يعاد تسعير الأسهم طبقا لهذا فترتفع أسعارها لتواكب الانخفاض فى سعر العملة.
وأشار إلى أنه من البديهي أيضا أن يكون التركيز على قطاعات لا تنضب القوى الشرائية وعمليات الاستحواذ على القطاعات الاستراتيجية كالموانئ والاغذية وقطاع البتروكيماويات وهي القطاعات التي يتزايد على خدماتها وقت الأزمات.
وبدوره، قال قال حسام عيد مدير الاستثمار بشركة إنترناشيونال لتداول ، إن الارتفاع الملحوظ في نشاط الاستحواذ خلال العام الجاري يعود إلى عدة أسباب منها التقييمات المتدنية للأسهم والشركات والتي تشهدها الأسواق بشكل عام بسبب تداعيات أزمة أوكرانيا وتحريك سعر الصرف.
وأضاف أن هذه التقييمات تمثل حافزا كبيرا لمن لديه السيولة المالية للاستحواذ على الشركات واقتناص الفرص، وهو ما ينطبق على مصر أيضا.
وأوضح أن ثاني هذه الأسباب أن بعض هذه الاستحواذات جاءت من شركات خليجية تضع السوق المصري نصب أعينها في الأساس بسبب القاعدة السكانية العريضة وهو يمثل لهم نوعا من أنواع التوسع ومصدرا للنمو، وتحقيق تنوع في التدفقات من أسواق مختلفة.
وتوقع استمرار انتعاش نشاط الاستحواذ خلال الفترة المقبلة مع استمرار التقييمات المتدنية، بالإضافة إلى حدوث طفرة اقتصادية محلية خاصة مع رغبة الكثير من مستثمري الخليج في دخول السوق المصري في صناعات معينة.
وأشار إلى أن أنواع الاستثمار المختلفة كلها مفيدة للاقتصاد سواء تمت عن طريق الاستحواذات أو ضخ استثمارات في شركات ومصانع جديدة، شريطة أن ينجم عن هذه الاستحواذات نموا وزيادة في الأيدي العاملة وتوفير المنتجات داخل السوق وأيضا التصدير.
وتابع بأنه في مصر، خلال الفترة المقبلة من المنتظر أن نشهد عمليات استحواذ قوية أخرى مثل صفقات تعتزم تنفيذها الذراع الاستثماري للشركة القابضة أبوظبي وهي شركة أغذية الإماراتية التي صرحت لـ"مباشر" في وقت سابق أنها تعتزم تنفيذ صفقات استحواذ قريبا بمصر. إضافة إلى بحث بعض الكيانات الكبرى بالخليج للتوسع أيضا في مصر.